البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA 2025: خطوة حاسمة نحو تعليم أفضل
مقدمة
في سياق متسارع من الإصلاحات التربوية، يبرز البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA 2025 كآلية استراتيجية لتشخيص واقع التعليم في المغرب. هذا البرنامج لا يقتصر فقط على قياس نتائج التلاميذ، بل يطمح إلى تقديم رؤية شمولية عن جودة التعلمات وظروف التعليم والتعلم. و يشكل PNEA 2025 محطة مفصلية في مسار تحديث منظومة التربية والتكوين، ويُعد مرآة حقيقية لقياس مدى فعالية السياسات التعليمية المعتمدة. لذلك، من الضروري فهم أبعاده، أهدافه، وأثره المحتمل على جودة التعليم في المغرب.
ما هو البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA؟
البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات (PNEA) هو مبادرة وطنية تشرف عليها الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، حيث يهدف البرنامج إلى تقييم مستوى تعلمات التلاميذ في مختلف الأسلاك التعليمية، وذلك استنادًا إلى اختبارات موحدة وأدوات تحليل دقيقة. اذ يشمل التقييم الجوانب المعرفية، المهارية، والوجدانية، كما يأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تؤثر على التحصيل الدراسي. و في نسخة 2025، يُتوقع أن يشمل البرنامج مستويات دراسية مختلفة، مع التركيز على الكفايات الأساسية في اللغات والرياضيات والعلوم.
أهداف PNEA 2025
- تحديد مستوى مكتسبات التلاميذ في مختلف المواد الدراسية.
- تحليل الفوارق التعليمية حسب النوع الاجتماعي، الوسط الجغرافي، والوضع الاجتماعي والاقتصادي.
- اقتراح توصيات لتحسين جودة التعلمات وتعزيز الإنصاف وتكافؤ الفرص.
- مواكبة السياسات العمومية الخاصة بإصلاح التعليم استنادًا إلى معطيات موضوعية.
- إعداد قاعدة بيانات وطنية حول مكتسبات المتعلمين تساعد في اتخاذ القرار.
منهجية التقييم في PNEA 2025
يعتمد البرنامج على منهجية علمية دقيقة. يتم اختيار عينات تمثيلية من المؤسسات التعليمية في مختلف الجهات. تخضع هذه العينة لاختبارات موحدة تشمل مواد دراسية أساسية. كما يتم توزيع استبيانات على التلاميذ، الأساتذة، والمديرين لجمع معطيات سياقية. و تستعمل الهيئة أدوات تحليل إحصائي متقدمة لتفسير النتائج وتحديد نقاط القوة والضعف. بعد ذلك يتم اعتماد مقاربة تشاركية في إعداد الأدوات التقييمية، بمشاركة باحثين ومفتشين وخبراء تربويين.
أهمية تقييم المكتسبات في إصلاح التعليم
يشكل تقييم التعلمات إحدى الركائز الأساسية في تحسين جودة التعليم. فهو يمكّن من التعرف على مدى تحقق الأهداف التربوية ومدى نجاعة المناهج الدراسية المعتمدة. و يساعد PNEA 2025 على اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة، ويمنح صانعي القرار أدوات عملية لتصحيح الاختلالات القائمة في المنظومة. كما يمكن من مراقبة التقدم المحقق على مستوى السياسات التعليمية، ويدعم التخطيط الاستراتيجي طويل المدى.
PNEA 2025 وتجويد التعليم الابتدائي
يركز البرنامج بشكل خاص على التعليم الابتدائي باعتباره القاعدة الأساسية لكل تعلمات لاحقة. إن تحسين جودة التعليم في هذه المرحلة ينعكس إيجابًا على المسار الدراسي للتلميذ. لذلك، يوفر PNEA 2025 معطيات دقيقة حول مستوى التعلمات الأساسية مثل القراءة، الكتابة، والحساب. هذه المعطيات تتيح للفاعلين التربويين تطوير استراتيجيات تدخل فعالة ومبكرة.
دور الأساتذة والمديرين في إنجاح البرنامج
لا يمكن نجاح البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات دون انخراط فعلي لهيئة التدريس والإدارة التربوية. اذ الأساتذة يلعبون دورًا محوريًا في التحضير للاختبارات وفي تفعيل التوصيات المستخلصة. كما يساهم المديرون في التنظيم المحكم للعمليات الميدانية وفي تعبئة الموارد البشرية واللوجستية. جيث كلما كان الانخراط قويًا، كانت نتائج البرنامج أكثر مصداقية وفعالية.
توصيات واستنتاجات أولية منتظرة من PNEA 2025
من المتوقع أن يكشف البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA 2025 عن عدة ملاحظات جوهرية.
أولًا، سيُبين مستويات تحصيل متفاوتة حسب المناطق والفئات الاجتماعية.
ثانيًا، سيسلط الضوء على تحديات التكوين الأساسي في القراءة والرياضيات.
ثالثًا، سيكشف عن الحاجة إلى تعزيز الكفاءات التدريسية ومراجعة طرائق التدريس.
كما من المنتظر أن يوصي البرنامج بمزيد من التكوين المستمر، وتحسين ظروف التعلم، وتطوير المناهج الدراسية لتواكب حاجيات المتعلمين.
ملاحظات بخصوص البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA 2025
رغم أهمية البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات PNEA 2025 في تحسين جودة التعليم، إلا أن مقاربة التقييم المعتمدة تظل محكومة بمنطق تكنوقراطي بعيد عن واقع المدرسة العمومية، حيث يغيب في هذا البرنامج البعد الاجتماعي والاقتصادي الذي يشكل أحد أبرز محددات التعلم، و يتم تقييم التلميذ في معزل عن بيئته، دون مراعاة لأوضاعه الاجتماعية أو الطبقية، و بذلك يُعزز البرنامج منطق المحاسبة الكمية، ويُغيب البعد التربوي النقدي، و بالتالي تُختزل جودة التعليم في نتائج رقمية وجداول إحصائية. هذا التوجه يُفرغ العملية التعليمية من بعدها الإنساني والتشاركي و يُحول المدرسة إلى فضاء للقياس والمعايرة، لا للتربية والتحرر.
تُكرّس اختبارات PNEA 2025 نفس المناهج الرسمية التي فشلت في تقليص الفجوة التعليمية والاجتماعية، فلا يتم مساءلة الاختيارات البيداغوجية الكبرى، بل يُعاد إنتاجها في ثوب تقني جديد. وهنا يكمن الخطر: التقييم يُستخدم كأداة لإعادة إنتاج نفس السياسات التعليمية النيوليبرالية التي تهمش المدرسة العمومية، بالإضافة إلى ذلك، لا يمنح البرنامج أي دور حقيقي لنساء و رجال التعليم، حيث يتم تغييبهم من إعداد أدوات التقييم، رغم كونهم المعنيين المباشرين بالعملية التعليمية التعليمية.
One Comment