Home / منشورات / مقالات / الجائزة الكبرى للفيلم التربوي بالمغرب: منصة للإبداع المدرسي وترسيخ القيم التربوية

الجائزة الكبرى للفيلم التربوي بالمغرب: منصة للإبداع المدرسي وترسيخ القيم التربوية

الجائزة الكبرى للفيلم التربوي بالمغرب: منصة للإبداع المدرسي وترسيخ القيم التربوية

الرباط – المملكة المغربي

تشكل الجائزة الكبرى للفيلم التربوي بالمغرب محطة بارزة في مسار التربية والتعليم، حيث تلتقي فيها طاقات الإبداع، وتُحتفى فيها بالقيم النبيلة التي تسعى المدرسة المغربية إلى ترسيخها. منذ انطلاقها، أضحت هذه الجائزة موعدًا سنويًا يستقطب اهتمام الأطر التربوية، والتلاميذ، ومهنيي القطاع، لما تحققه من إشعاع، وتأثير إيجابي داخل الوسط المدرسي.

رؤية تربوية جديدة عبر الفن المدرسي

تهدف الجائزة الكبرى للفيلم التربوي إلى تعزيز الأدوار التربوية للأنشطة الموازية، من خلال تشجيع التلاميذ على التعبير الفني، والابتكار الإبداعي، والانخراط في معالجة قضايا مجتمعية وتربوية بلغة سينمائية معبّرة. وتأتي هذه الجائزة ضمن استراتيجية وزارة التربية الوطنية الرامية إلى جعل الحياة المدرسية فضاءً للتربية على القيم، والحرية، والتسامح.

الفيلم التربوي ليس مجرد وسيلة فنية، بل هو أداة بيداغوجية فعالة، تسهم في تنمية الذكاء الاجتماعي والعاطفي لدى المتعلمين. من خلال مشاركتهم في كتابة السيناريو، التمثيل، الإخراج، والمونتاج، يكتسب التلاميذ مهارات متعددة، من أبرزها العمل الجماعي، والتفكير النقدي، والتواصل.

أهداف الجائزة الكبرى للفيلم التربوي

تسعى الجائزة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التربوية والثقافية والفنية، نذكر منها:

  • تعزيز التربية على المواطنة، والحقوق، والمسؤولية.
  • محاربة الظواهر السلبية داخل المؤسسات التعليمية كالعنف، التنمر، الهدر المدرسي.
  • تشجيع الإبداع الفني لدى التلاميذ والتلميذات.
  • تثمين العمل الجماعي بين الأطر التربوية والإدارية.
  • فتح آفاق التميز والابتكار داخل المدرسة العمومية.

آليات تنظيم الجائزة

تنظم الجائزة الكبرى للفيلم التربوي سنويًا على صعيد جهات المملكة، بشراكة بين وزارة التربية الوطنية، والأكاديميات الجهوية، والمديريات الإقليمية، ومؤسسات المجتمع المدني. ويشرف على التحكيم لجان تربوية وفنية متخصصة، تقيّم الأعمال وفق معايير دقيقة، تشمل جودة الإخراج، وضوح الرسالة التربوية، وأصالة الفكرة.

تُفتح المشاركة في وجه جميع المؤسسات التعليمية، العمومية منها والخاصة، وتشترط اللجنة المنظمة أن يكون الفيلم من إنتاج تلاميذي، بإشراف مباشر من الأطر التربوية، دون تدخلات خارجية في المحتوى.

مواضيع متنوعة ومرتبطة بالواقع التربوي

تتناول الأفلام المشاركة في الجائزة الكبرى للفيلم التربوي مواضيع متعددة، من بينها:

  • العلاقات داخل المؤسسة التعليمية.
  • العنف المدرسي وآثاره.
  • المساواة بين الجنسين.
  • المحافظة على البيئة.
  • حقوق الطفل والتلميذ.
  • الهوية الثقافية والتنوع.
  • المواطنة الرقمية والسلوكيات الآمنة على الإنترنت.

يختار التلاميذ المواضيع التي تلامس واقعهم اليومي، ويعبرون عنها بأساليب فنية تعكس رؤاهم، وهواجسهم، وتطلعاتهم. وهو ما يجعل الفيلم التربوي آلية فعالة للإنصات لصوت المتعلم.

أثر الجائزة على التلميذ والمؤسسة

أثبتت الجائزة الكبرى للفيلم التربوي قدرتها على إحداث تأثير عميق في سلوك التلاميذ، وتطوير مهاراتهم الفنية والتربوية. فالمشاركة في إنتاج فيلم تربوي تعزز ثقة المتعلم بنفسه، وتشجعه على التفكير في حلول واقعية لمشاكل اجتماعية. من جهة أخرى، تخلق الجائزة دينامية جديدة داخل المؤسسة التعليمية، حيث تتقوى روابط التعاون بين الأطر التربوية، والإدارية، والتلاميذ، وتتحول المؤسسة إلى ورشة حقيقية للإبداع والممارسة الفنية.

أمثلة على نجاح الجائزة

خلال السنوات الأخيرة، شهدت الجائزة الكبرى للفيلم التربوي بروز عدد من المؤسسات التي تألقت على الصعيد الوطني، منها إعدادية العرفان بالرباط التي فازت بالجائزة الكبرى لسنة 2025، بفضل عمل تربوي رائع جسّد تيمة التنمر بأسلوب فني مؤثر. وقد أشادت لجنة التحكيم بجرأة التلاميذ، وجودة النص والإخراج، والمستوى التمثيلي المتميز. كما حازت مؤسسات أخرى من مناطق مختلفة مثل وجدة، أكادير، ومراكش على جوائز تشجيعية بفضل ما قدمته من أفلام تناولت قضايا البيئة، والمساواة، والاندماج المدرسي.

توصيات لتطوير الجائزة

رغم نجاح الجائزة، فإن تطويرها يمر عبر مجموعة من التوصيات، أبرزها:

  • توفير الدعم اللوجستي والتقني للمؤسسات للمشاركة بشكل احترافي.
  • إدماج تكوينات في السينما التربوية داخل برامج التكوين المستمر للأساتذة.
  • إحداث شراكات مع المراكز الثقافية ودور الشباب.
  • إعطاء فرص أكبر للعرض العمومي للأفلام التربوية الفائزة.
  • استثمار نتائج الأفلام في إعداد برامج توعية وتحسيسية داخل المؤسسات التعليمية.

خاتمة: رهان تربوي ناجح ومتجدد

تمثل الجائزة الكبرى للفيلم التربوي بالمغرب تجربة رائدة تعكس مدى تفاعل المدرسة المغربية مع قضايا المجتمع، وقدرتها على استثمار الفن في خدمة الأهداف التربوية. إنها مناسبة سنوية للاحتفاء بالإبداع، ومساءلة الواقع، وبناء جسور الحوار بين المتعلمين، والمؤطرين، والمجتمع. إن تعميم هذه المبادرات، وتوفير الإمكانيات الضرورية لإنجاحها، من شأنه أن يعزز موقع المدرسة العمومية كمؤسسة مواطِنة، وفضاء لإنتاج المعرفة، والقيم، والجمال.

الجائزة الكبرى للفيلم التربوي ليست فقط تتويجًا لعمل فني، بل هي انتصار لثقافة الحياة المدرسية، ورافعة لتربية جديدة تؤمن بالمشاركة، والحرية، والمسؤولية.

عادل العطاري